الإنتخابات الطلابية : الداء والدواء

Publié le par Campus-j

اقتربت الإنتخابات الطلابية، واشتد العصب السياسي والتعصب المذهبي، كل طرف يريد أن يفرض حضوره في الجامعة، لإنتماءات سياسية وخلفيات طائفية.

بدأت صفحات مواقع التواصل الإجتماعي تمتلئ بالوعود والكلام المنمق، وراح كل طرف ينافس الآخر في طريقة الترويج لنفسه، و ذلك من خلال صور وتعليقات تهدف إلى إعلاء شأن فريقه، وتوهين صورة الفريق الآخر.

هذا جزء من توصيف المشهد الطلابي عند اقتراب الإستحقاق الجامعي، وللإنصاف، أنا لا أجد في ذلك أمراً شاذاً أو مختلفاً عن الأجواء السياسية في البلد. إذ من الطبيعي أن ينقسم الطلاب على شاكلة زعمائهم. لكن، وليس من باب التنظير، هناك سؤال يطرح نفسه : هل باستطاعة الطلاب أن يغيروا نظرتهم تجاه الإنتخابات الطلابية المبنية فقط على النظر من زاوية تصفية الحسابات الفئوية والحزبية ؟

ثمة مشكلة حقيقية في الرؤية، ويعود ذلك لعدة عوامل أبرزها الإنقسام الحاصل في البلد، وغياب التوعية السليمة لمفهوم الإنتخابات الديمقراطية والبناءة.

فنجد مثلاً أن هوية الفائز ليست مبنية على كفاءته في مكان ما، بل هي فقط "ضربة حظ"، فتشاء الصدفة أن يكون في صفه أو كليته، غالبية تنتمي سياسياً إلى الطرف الذي يمثله. وهذا خير دليل على أن الوعود والبرامج الإنتخابية ليست لها أي قيمة أمام التوزع السياسي والحزبي بين الطلاب، وأنه لو أتى الطرف الذي يمتلك الأقلية وقدم برنامجاً ممتازاً، فهو لن يفوز حتى لو عمل على ذلك سنوات طويلة. هذا الأمر خطير فعلاً، وإن حصرت الرؤية فقط في المنظور السياسي والطائفي، بالتأكيد لن يثمر تقدما.ً.

الجامعات، بنخبها الثقافية والعلمية، يجب أن تكون العصب الأول للتغيير الثقافي في المجتمع. فكيف لنا ذلك؟

أولاً، على الطالب أن يعي أن فوز أي مرشح، حتى لو لم يكن المرشح الذي اختاره، هو مكسب له ولغيره من الطلاب، أو على الأقل هو ليس خسارة. لأنه سيستفيد من الخدمات التي سيقدمها الفائز. فمثلاً إذا قام الفائز بتخصيص قاعة لطلاب كليته، فهذا أمر يستفيد منه الجميع، وليس فئة دون أخرى. لكن ذلك يحتاج إلى أمر واحد فقط. ألا وهو وعي المرشحين، واعتبار فوزهم بمثابة بداية مرحلة جديدة في خدمة الجميع، وليس في خدمة من قام بانتخابهم فقط.

ثانياً، يجب على كل طرف مرشح أن يضع برنامجاً جدياً ومفصلاً يبيّن فيه الخطوات التي ينوي انجازها في حال فوزه بالإنتخابات. وهنا يجب لفت النظر إلى أن غالبية المرشحين يرفعون دائماً الشعارات نفسها، شعارات يشوبها الغموض والتعميم مثل "معاً لأجل التغيير" أو"صوتوا لنا فنحن الذين نفي بوعودنا" والخ. كل ذلك كلام إعلامي محض، موجود في متناول الجميع، وهو كلام عام يغطي على الثغرات الموجودة في البرنامج، ويعطي طابعاً عاطفياً وترويجياً لا يرقى في نهاية المطاف لشيء من التطبيق على أرض الواقع.

ثالثاً، يجب أن يحدد الطالب أولوياته في جامعته، أي ما هو المكسب الرئيس على الصعيد الفردي والجماعي، الذي يمكن تحصيله من انتخاب هذا المرشح أو ذاك ؟ وعليه أن يقرأ ويقارن بتمعن بين البرامج المختلفة للمرشحين، قراءة موضوعية وبعيدة عن العواطف والضغوطات والإنحياز السلبي.

إذاً، أختم بالقول أن التحرر من القيود السياسية والإنتمائية، يجعل الطالب الجامعي (الناخب والمرشح) ينظر إلى مصلحته من باب المنفعة الفردية والجماعية، واضعاً الكفاءة والجدية في العمل على سلم أولوياته، وبذلك يكون قد اختار عن جدارة الطرف المخوّل الذي يمكن أن يقدم خدمة للجامعة ككل، بمعزل عن مكاسب وحسابات شخصية لا فائدة منها.

إن العمل الجامعي السليم هو النموذج المصغر للعمل الوطني البنّاء، وأنا على يقين أن تقاعس النخب عن أداء واجبها لن يخرجنا من دوامة فشلنا في بناء الدولة.

أحمد الزين, FDSP

Publié dans Perspectives

Commenter cet article